قائد المتطوعين الذي منعوه من التقدم نحو القدس وقتلته "نيران صديقة"صورة نادرة للبطل أحمدعبد العزيز يتفاوض مع موشى ديان واقفا رافضا أن يجلس معه على طاولة واحدة.
لم تكن المرة الأولى التي يحاول فيها سائق التاكسي أن يمزح وهو يتجه إلى شارع "البطل أحمد عبد العزيز" في المهندسين، فيتساءل مستنكرا أنه لا أحد يعرف في أي رياضة كان ذلك البطل! ولكن مجرد ذكر شيء من تاريخ البطل الراحل قائد كتائب المتطوعين في حرب فلسطين عام 1948، يعيد الجدية إلى الحوار، ومعها أحيانا بعضا من الأسى.
بالتأكيد كانت الجدية ستزيد وسيخفت الأسى مؤقتا ليحل محله بعض الاعتزاز، لو أن هؤلاء الذين لا يعرفون البطل، رأوا صورته النادرة وهو يتفاوض مع موشى ديان- قائد قوات قطاع القدس آنذاك- من الوضع واقفا، رافضا أن تجمعهما طاولة واحدة. وذلك بعد أن تكبدت القوت الإسرائيلية خسائر كبيرة في معركة "جبل المكبر" قرب القدس أمام قوات المتطوعين، فكانت الهدنة التي دعت إليها هيئة الأمم، وقالت مصادر عسكرية أنها بطلب من الجانب الإسرائيلي.
الصورة هي إحدى الوثائق النادرة التي يكشف عنها الفيلم الوثائقي "الطريق إلى القدس" الذي أنتجته قناة "الجزيرة" الوثائقية ونفذته شركة "إيمدج باور" المصرية وأعده وأخرجه رضا فايز.الفيلم الذي يعد الأول من نوعه عن البطل، تم الانتهاء منه في مناسبة مرور 60 عاما على نكبة فلسطين ومقتل أحمد عبد العزيز.
يلقى الفيلم الضوء على جوانب هامة من حياة البطل الراحل، منذ ولادته عام 1907 في الخرطوم لأب عسكري كان في مهمة للجيش المصري هناك، ثم اعتقاله شابا بتهمة قتل ضابط إنجليزي انتقاما لمقتل أخيه عمر أمام عينيه برصاص الإنجليز أثناء اشتراكهما في مظاهرات 1919، ثم الإفراج عنه بعد عفو عام عن المعتقلين السياسيين. وكونه أول ضابط في الجيش المصري يطلب إحالته إلى الاستيداع ليصبح قائدا للقوات الخفيفية الكوماندوز التي تضم متطوعين وتتبع جامعة الدول العربية، والمتجهة إلى فلسطين بعد قرار التقسيم عام 1947.
من خلال وثائق ودراسات متخصصين وشهادات أفراد من أسرته ومتطوعين كانوا ضمن قواته ومعاصرين له أهمهم الفريق سعد الدين الشاذلي، يسجل الفيلم جوانب من يوميات معاركه ضد العصابات الصهيونية التي أصبحت فيما بعد قوات دولة إسرائيل. ويكشف عن الوثيقة التي يأمره فيها قائد الجيش المصري النظامي بوقف التقدم نحو القدس الغربية قبل يوم من قبول الحكومات العربية للهدنة الثانية، بعد أن كانت قواته تكبد القوات الإسرائيلة خسائر كبيرة وتقطع خطوط اتصالاتهم، وبعد أن طلب عبد العزيز أن يمهلوه يوما واحدا لكي يستولي على كل المستعمرات الصهيونية وتصبح كل القدس في أيدي القوات العربية.
تظل قوات المتطوعين مرابطة ما بين بيت لحم وصور باهر قرب القدس، إلى حين الحادث الغامض الذي قتل فيه أحمد عبد العزيز في أغسطس 1948، بعد ساعات من اجتماعه مع موشى ديان، وأثناء توجهه في سيارة جيب مع صلاح سالم إلى مقر قيادة الجيش المصري في غزة لينقل لهم ما دار في الاجتماع، وكان صلاح سالم موفدا من الجيش المصري لكن عبد العزيز أصر على العودة معه ليبلغ القيادة بنفسه ماحدث.
تتعدد الروايات حول مقتله، وما نشر في "الأهرام" من روايات رسمية ومنها رواية صلاح سالم أن السبب نيران صدرت بالخطأ من كتيبة مصرية كانت تعسكر في منطقة "عراق المنشية" واشتبهت في السيارة. بينما تشير رواية أخرى أنها مجموعة فلسطينية مقاتلة تقوم بعمليات عشوائية واشتبهت أيضا في السيارة. ويلمح البعض إلى دور قيادة الجيش المصري الغاضبة من أحمد عبد العزيز وحماسه وعدم التزامه التام بالأوامر، وهناك روايات عديدة تلمح إلى أنها عملية اغتيال ورائها الملك فاروق الذي خشي من تصاعد نجم أحمد عبد العزيز الذي بدأت الصحافة تصفه بـ"البطل" متابعة لمحمد حسنين هيكل الذي نشر بعضا من يومياته وصوره في الجبهة في "أخبار اليوم"، وبدأت الناس تنتظر أخباره. هناك رواية أخرى تلمح إليها بعض المصادر من مؤرخي الإخوان المسلمين عندما تنقل إشارة حسن التهامي إلى أن كتيبة"عراق المنشية" كانت في ذلك الوقت تحت قيادة جمال عبد الناصر.
يشير الفيلم إلى بعض الروايات ويلمح إلى أخرى، وبعض الروايات توفر تفسيرات مبدئية لحالة النسيان والتجاهل لسيرة البطل الراحل. يضاف إليها أن قسم كبير من قوات المتطوعين كان من جماعة الإخوان المسلمين، وأن البطل لم يكن ضمن تنظيم الضباط الأحرار رغم أن كمال الدين حسين- عضو مجلس قيادة الثورة لاحقا- كان من بين قواته ورغم اعتراف أغلبهم بأستاذيته والإشارة لمكانته فيما بعد.
مما يسجله الفيلم نقلا عن مذكرات كمال الدين حسين أن أحمد عبد العزيز قال له ذات مرة، بعد تعرضه للإحباطات، أن الجهاد الحقيقي يبدأ من مصر، وتحديدا من قصر عابدين.الفيلم الذي استغرق إعداده عشرة أشهر مرشح للاشتراك في مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية ومن المنتظر عرضه بعد انتهاء المهرجان الشهر القادم. وتبلغ مدة الفيلم 100 دقيقة تنتهي بمشهد النصب التذكاري المشيد عند قبر البطل الراحل في قبة راحيل شمال بيت لحم بفلسطين، قبل أن يتم نقل جثمانه إلى القاهرة لاحقا.
ويبدو أن الإسرائيلين لم ينسوا بعد البطل الراحل، فشاهد قبره القديم لا يزال محاطا بأسوار عالية وأسلاك شائكة تظهر من ورائها أبراج مراقبة يقف فيها حراس مسلحون ويرفرف فوقها العلم الإسرائيلي.
نشر في" الشروق" - 12 مارس 2009 - صفحة 5 أول فيلم وثائقي عن البطل المنسي أحمد عبد العزيز - الشروق 12 مارس 2009
بالتأكيد كانت الجدية ستزيد وسيخفت الأسى مؤقتا ليحل محله بعض الاعتزاز، لو أن هؤلاء الذين لا يعرفون البطل، رأوا صورته النادرة وهو يتفاوض مع موشى ديان- قائد قوات قطاع القدس آنذاك- من الوضع واقفا، رافضا أن تجمعهما طاولة واحدة. وذلك بعد أن تكبدت القوت الإسرائيلية خسائر كبيرة في معركة "جبل المكبر" قرب القدس أمام قوات المتطوعين، فكانت الهدنة التي دعت إليها هيئة الأمم، وقالت مصادر عسكرية أنها بطلب من الجانب الإسرائيلي.
الصورة هي إحدى الوثائق النادرة التي يكشف عنها الفيلم الوثائقي "الطريق إلى القدس" الذي أنتجته قناة "الجزيرة" الوثائقية ونفذته شركة "إيمدج باور" المصرية وأعده وأخرجه رضا فايز.الفيلم الذي يعد الأول من نوعه عن البطل، تم الانتهاء منه في مناسبة مرور 60 عاما على نكبة فلسطين ومقتل أحمد عبد العزيز.
يلقى الفيلم الضوء على جوانب هامة من حياة البطل الراحل، منذ ولادته عام 1907 في الخرطوم لأب عسكري كان في مهمة للجيش المصري هناك، ثم اعتقاله شابا بتهمة قتل ضابط إنجليزي انتقاما لمقتل أخيه عمر أمام عينيه برصاص الإنجليز أثناء اشتراكهما في مظاهرات 1919، ثم الإفراج عنه بعد عفو عام عن المعتقلين السياسيين. وكونه أول ضابط في الجيش المصري يطلب إحالته إلى الاستيداع ليصبح قائدا للقوات الخفيفية الكوماندوز التي تضم متطوعين وتتبع جامعة الدول العربية، والمتجهة إلى فلسطين بعد قرار التقسيم عام 1947.
من خلال وثائق ودراسات متخصصين وشهادات أفراد من أسرته ومتطوعين كانوا ضمن قواته ومعاصرين له أهمهم الفريق سعد الدين الشاذلي، يسجل الفيلم جوانب من يوميات معاركه ضد العصابات الصهيونية التي أصبحت فيما بعد قوات دولة إسرائيل. ويكشف عن الوثيقة التي يأمره فيها قائد الجيش المصري النظامي بوقف التقدم نحو القدس الغربية قبل يوم من قبول الحكومات العربية للهدنة الثانية، بعد أن كانت قواته تكبد القوات الإسرائيلة خسائر كبيرة وتقطع خطوط اتصالاتهم، وبعد أن طلب عبد العزيز أن يمهلوه يوما واحدا لكي يستولي على كل المستعمرات الصهيونية وتصبح كل القدس في أيدي القوات العربية.
تظل قوات المتطوعين مرابطة ما بين بيت لحم وصور باهر قرب القدس، إلى حين الحادث الغامض الذي قتل فيه أحمد عبد العزيز في أغسطس 1948، بعد ساعات من اجتماعه مع موشى ديان، وأثناء توجهه في سيارة جيب مع صلاح سالم إلى مقر قيادة الجيش المصري في غزة لينقل لهم ما دار في الاجتماع، وكان صلاح سالم موفدا من الجيش المصري لكن عبد العزيز أصر على العودة معه ليبلغ القيادة بنفسه ماحدث.
تتعدد الروايات حول مقتله، وما نشر في "الأهرام" من روايات رسمية ومنها رواية صلاح سالم أن السبب نيران صدرت بالخطأ من كتيبة مصرية كانت تعسكر في منطقة "عراق المنشية" واشتبهت في السيارة. بينما تشير رواية أخرى أنها مجموعة فلسطينية مقاتلة تقوم بعمليات عشوائية واشتبهت أيضا في السيارة. ويلمح البعض إلى دور قيادة الجيش المصري الغاضبة من أحمد عبد العزيز وحماسه وعدم التزامه التام بالأوامر، وهناك روايات عديدة تلمح إلى أنها عملية اغتيال ورائها الملك فاروق الذي خشي من تصاعد نجم أحمد عبد العزيز الذي بدأت الصحافة تصفه بـ"البطل" متابعة لمحمد حسنين هيكل الذي نشر بعضا من يومياته وصوره في الجبهة في "أخبار اليوم"، وبدأت الناس تنتظر أخباره. هناك رواية أخرى تلمح إليها بعض المصادر من مؤرخي الإخوان المسلمين عندما تنقل إشارة حسن التهامي إلى أن كتيبة"عراق المنشية" كانت في ذلك الوقت تحت قيادة جمال عبد الناصر.
يشير الفيلم إلى بعض الروايات ويلمح إلى أخرى، وبعض الروايات توفر تفسيرات مبدئية لحالة النسيان والتجاهل لسيرة البطل الراحل. يضاف إليها أن قسم كبير من قوات المتطوعين كان من جماعة الإخوان المسلمين، وأن البطل لم يكن ضمن تنظيم الضباط الأحرار رغم أن كمال الدين حسين- عضو مجلس قيادة الثورة لاحقا- كان من بين قواته ورغم اعتراف أغلبهم بأستاذيته والإشارة لمكانته فيما بعد.
مما يسجله الفيلم نقلا عن مذكرات كمال الدين حسين أن أحمد عبد العزيز قال له ذات مرة، بعد تعرضه للإحباطات، أن الجهاد الحقيقي يبدأ من مصر، وتحديدا من قصر عابدين.الفيلم الذي استغرق إعداده عشرة أشهر مرشح للاشتراك في مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية ومن المنتظر عرضه بعد انتهاء المهرجان الشهر القادم. وتبلغ مدة الفيلم 100 دقيقة تنتهي بمشهد النصب التذكاري المشيد عند قبر البطل الراحل في قبة راحيل شمال بيت لحم بفلسطين، قبل أن يتم نقل جثمانه إلى القاهرة لاحقا.
ويبدو أن الإسرائيلين لم ينسوا بعد البطل الراحل، فشاهد قبره القديم لا يزال محاطا بأسوار عالية وأسلاك شائكة تظهر من ورائها أبراج مراقبة يقف فيها حراس مسلحون ويرفرف فوقها العلم الإسرائيلي.
نشر في" الشروق" - 12 مارس 2009 - صفحة 5 أول فيلم وثائقي عن البطل المنسي أحمد عبد العزيز - الشروق 12 مارس 2009
انت عملت مدونة تانية من غير ما اعرف بس والله تصدق انا مقرتش الموضوع ده الا دلوقتي بس برافو عليك كتابتك رشيقة جدا وبسيطة
ردحذفجميل ياعمرو
ردحذفواكتر من جميل
تحقيق رائع ، معلومات اول مرة اعرفها وأظن كتير مننا ميعرفهاش
ردحذفرحمه الله
ردحذفMeksika yurtdışı kargo
ردحذفMayotte yurtdışı kargo
Mauritius yurtdışı kargo
Martinike yurtdışı kargo
Marshall Adaları yurtdışı kargo
PRM1MA
Libya yurtdışı kargo
ردحذفLiberya yurtdışı kargo
Lesotho yurtdışı kargo
Laos yurtdışı kargo
Kuzey Marina Adaları yurtdışı kargo
PF0B4B
Kuzey İrlanda yurtdışı kargo
ردحذفKuveyt yurtdışı kargo
Kosta Rika yurtdışı kargo
Kosraey yurtdışı kargo
Güney Kore yurtdışı kargo
01WY
Kongo Halk Cumhuriyeti yurtdışı kargo
ردحذفKongo yurtdışı kargo
Komora yurtdışı kargo
Kolombiya yurtdışı kargo
Kiribati yurtdışı kargo
7YV0