"مديري في المستشفى رفض التصريح لي بإجازة يوم "خميس العهد". قال إنه لا يفهم لماذا يعتبر عيدا وتكفي إجازة أحد السعف وأحد القيامة" يعبر الطبيب المسيحي الشاب عن أسفه، ولكنه لم يجد الوقت ولا المكان المناسبين ليخوض جدالا دينيا حول أهمية مناسبة ما وحول رغبته في حضور طقس صباحي هام في ذلك اليوم. فهو يعرف جيدا أن زملائه ورؤسائه المسلمين يعرفون القليل جدا من المعلومات عن المسيحية وعن طقوسها ومناسباتها.
يتفهم الكثير من المسيحيين ذلك باعتبار أن ثقافة الأغلبية هي الأكثر شيوعا، ولكن البعض الآخر يرى أن غياب الحد الأدنى من المعلومات عن أهم المناسبات الدينية للزملاء والأصدقاء المسيحيين قد يقلل من بهجة الاحتفال وتسبب نوعا من الانفصال بين زملاء العمل والدراسة وجيران السكن.
يلوم رامي سيدهم، مهندس نظم المعلومات، الإعلام الذي يهتم أحيانا بالتراث القبطي أكثر من اهتمامه بتقديم بعض المعلومات عن طقوس وأعياد معاصرة. وبسبب ذلك قد لا يلاحظ بعض المسلمين أن هناك مناسبة أصلا تخص المسيحيين إن لم تكن إجازة، وقد لا يلاحظون في مناسبات أخرى إلا غياب زملائهم المسيحيين بسبب "عيد ما"، وعند مرورهم في الطريق على الكنائس أو مشاهدة القداس في التليفزيون يرون أنهم يقومون بطقوس غريبة غير مفهومة لهم. يضيف رامي :"لذلك تظل أبرز أشكال الاحتفال وهي حمل السعف غامضة بالنسبة للمسلمين ولا يعرفون معناها، رغم أنه طقس رمزي مشابه لما فعله أهل القدس عند قدوم المسيح إليهم، وهو حدث مشابه لدخول النبي محمد إلى المدينة واستقبال أهلها له".
انتقل رامي من السكن في شبرا إلى المقطم، وهو ما جعله يلاحظ أن التعامل المباشر بين المسلمين والمسيحيين في مناطق فيها أعداد كبيرة منهم هو مصدر المعلومات الوحيد. ويقول أن هذا الفارق في فهم مناسبات وأعياد المسيحيين نلاحظه أيضا بين أسيوط والمنصورة مثلا. ويضيف :"أيضا الأحياء الشعبية فيها تعامل مكثف بين الجيران بينما الأحياء الجديدة مثل مدينة نصر والمقطم تفتقد هذا فتقل فرصة الإطلاع على بعض ثقافة جارك وتفاصيل حياته".
في المقابل، يتفهم ناجي بطرس، المهندس المعماري، أن هناك ثمة قلق خاص تجاه الإفصاح عن تفاصيل وخلفية احتفالات أسبوع الآلام وعيد القيامة لأنهما يتعلقان بحدث صلب المسيح وهو محل اختلاف بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية. ولكنه يعتقد أن بعض التفهم قد ينهي هذا القلق. وهو يلقي ببعض اللوم على بعض المسيحيين: "بعضهم لا يتمتع بالانفتاح الكافي لكي يطلع زملائه المسلمين ممن يسألون بفضول على تفاصيل ومعنى الأعياد خوفا من حدوث جدال ديني". يستدرك أن بعض التفهم مطلوب من الطرفين لكي تزول الرغبة في الجدال لتخطئة الآخر ودفاع كل طرف عن عقيدته أو شعوره بالتهديد بسبب اختلاف العقيدة، وهي في النهاية اختلافات عقائدية لا يجب أن تكون سببا لأي حواجز اجتماعية بين الزملاء والأصدقاء والجيران.
يقول ناجي أنه تعود أن يقدر وجود هذه المساحة من التفهم، فإن أحس أنها موجودة يمكنه أن يجيب على تساؤلات زملائه المسلمين حول تفاصيل الدين المسيحي ومناسباته وطقوسه. ولكنه يحكي أنه بعض زملائه يسألونه عن سبب هذا العيد أو ذاك ومعاني طقوسه ويجيبهم. وفي العام التالي في نفس المناسبة يلتقيهم فيجدهم يعيدون نفس السؤال!
يضحك وهو يقول: "لا بأس، لأن الباقين يقولون فقط: كل سنة وأنت طيب. والسؤال عن التفاصيل يكون أحيانا زيادة في التودد وليس بغرض المعرفة أو الفضول الحقيقي، مثل السؤال اليومي عن الأحوال: إزيّك ؟ - الحمد لله". يضيف ناجي مبتسما "ولا مشكلة، سأجيب كل سنة".
اقرأ أيضا: لحن حزايني بين لحنين فرايحي.
نشر في "الشروق" 4 إبريل 2010
PDF
يتفهم الكثير من المسيحيين ذلك باعتبار أن ثقافة الأغلبية هي الأكثر شيوعا، ولكن البعض الآخر يرى أن غياب الحد الأدنى من المعلومات عن أهم المناسبات الدينية للزملاء والأصدقاء المسيحيين قد يقلل من بهجة الاحتفال وتسبب نوعا من الانفصال بين زملاء العمل والدراسة وجيران السكن.
يلوم رامي سيدهم، مهندس نظم المعلومات، الإعلام الذي يهتم أحيانا بالتراث القبطي أكثر من اهتمامه بتقديم بعض المعلومات عن طقوس وأعياد معاصرة. وبسبب ذلك قد لا يلاحظ بعض المسلمين أن هناك مناسبة أصلا تخص المسيحيين إن لم تكن إجازة، وقد لا يلاحظون في مناسبات أخرى إلا غياب زملائهم المسيحيين بسبب "عيد ما"، وعند مرورهم في الطريق على الكنائس أو مشاهدة القداس في التليفزيون يرون أنهم يقومون بطقوس غريبة غير مفهومة لهم. يضيف رامي :"لذلك تظل أبرز أشكال الاحتفال وهي حمل السعف غامضة بالنسبة للمسلمين ولا يعرفون معناها، رغم أنه طقس رمزي مشابه لما فعله أهل القدس عند قدوم المسيح إليهم، وهو حدث مشابه لدخول النبي محمد إلى المدينة واستقبال أهلها له".
انتقل رامي من السكن في شبرا إلى المقطم، وهو ما جعله يلاحظ أن التعامل المباشر بين المسلمين والمسيحيين في مناطق فيها أعداد كبيرة منهم هو مصدر المعلومات الوحيد. ويقول أن هذا الفارق في فهم مناسبات وأعياد المسيحيين نلاحظه أيضا بين أسيوط والمنصورة مثلا. ويضيف :"أيضا الأحياء الشعبية فيها تعامل مكثف بين الجيران بينما الأحياء الجديدة مثل مدينة نصر والمقطم تفتقد هذا فتقل فرصة الإطلاع على بعض ثقافة جارك وتفاصيل حياته".
في المقابل، يتفهم ناجي بطرس، المهندس المعماري، أن هناك ثمة قلق خاص تجاه الإفصاح عن تفاصيل وخلفية احتفالات أسبوع الآلام وعيد القيامة لأنهما يتعلقان بحدث صلب المسيح وهو محل اختلاف بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية. ولكنه يعتقد أن بعض التفهم قد ينهي هذا القلق. وهو يلقي ببعض اللوم على بعض المسيحيين: "بعضهم لا يتمتع بالانفتاح الكافي لكي يطلع زملائه المسلمين ممن يسألون بفضول على تفاصيل ومعنى الأعياد خوفا من حدوث جدال ديني". يستدرك أن بعض التفهم مطلوب من الطرفين لكي تزول الرغبة في الجدال لتخطئة الآخر ودفاع كل طرف عن عقيدته أو شعوره بالتهديد بسبب اختلاف العقيدة، وهي في النهاية اختلافات عقائدية لا يجب أن تكون سببا لأي حواجز اجتماعية بين الزملاء والأصدقاء والجيران.
يقول ناجي أنه تعود أن يقدر وجود هذه المساحة من التفهم، فإن أحس أنها موجودة يمكنه أن يجيب على تساؤلات زملائه المسلمين حول تفاصيل الدين المسيحي ومناسباته وطقوسه. ولكنه يحكي أنه بعض زملائه يسألونه عن سبب هذا العيد أو ذاك ومعاني طقوسه ويجيبهم. وفي العام التالي في نفس المناسبة يلتقيهم فيجدهم يعيدون نفس السؤال!
يضحك وهو يقول: "لا بأس، لأن الباقين يقولون فقط: كل سنة وأنت طيب. والسؤال عن التفاصيل يكون أحيانا زيادة في التودد وليس بغرض المعرفة أو الفضول الحقيقي، مثل السؤال اليومي عن الأحوال: إزيّك ؟ - الحمد لله". يضيف ناجي مبتسما "ولا مشكلة، سأجيب كل سنة".
اقرأ أيضا: لحن حزايني بين لحنين فرايحي.
نشر في "الشروق" 4 إبريل 2010
مبروك المدونة الجديدة ياعمرو
ردحذفبس انت ليه عاملها فى السر ومش حاطط لها لنك عندك انت ولا رضوى ولا محمود؟
أنا عرفتها بالصدفة من عند رامز الشرقاوى
وبعدين انت عامل مابدا لى بدعوات خاصة فقط ليه؟
أخيرا: مبروك على لقب الصحفى انتسابك له
وتعازينا الحارة للقب المهندس
أهلا يا محمد
ردحذفشكرا لاهتمامك
أؤجل الإعلان عن المدونة حتى الانتهاء من إكمال الأرشيف.
" مابدا لي " مفتوحة، لعله خطأ ما.