الأربعاء، ٩ سبتمبر ٢٠٠٩

عن "قصة الحب" بين الشباب ودعاتهم الجدد


الجمهور المتنوع للدعاة الشباب ينفي الفكرة النمطية التي تصفهم بدعاة الطبقات الثرية، ويقول أن نجاحهم جاء لأنهم صنعوا بشخصياتهم وحضورهم - وليس فقط خطابهم الدعوي- نموذجا مجسدا لتدين قريب من الشباب وممكن لا صعب المنال، متفهم لأخطائهم وليس متعاليا عليها، متوائم وليس نضاليا، يوظف طاقتهم ويشجع على الطموح والنجاح لا العزلة والصدام والتضحيات، وأيضا بعيد عن أي تجديد مقلق ومحير في الفكر الديني.

قبل أيام من بداية رمضان ومع انطلاقة أذان المغرب من ميكروفونات مسجد "يوسف الصحابي" بميدان الحجاز بمصر الجديدة، كانت سيارات صغيرة كثيرة تحاول أن تجد لها مكانا حول المسجد، ينزل منها شباب وفتيات تدور أعمارهم حول منتصف الثلاثينات، وأخرون كانوا يتوافدون على المسجد بكثافة مختلفة عن المعتاد تفسر انهماك شباب آخرين في فرش سجاد في الساحة المحيطة بالمسجد لتكفي الأعداد الكبيرة.

بعد انتهاء الصلاة بقليل، يدخل شاب في أوائل الثلاثينات يرتدي جينز وقميص شبابي ياقته مفتوحة قليلا ليبدو من تحته تي شيرت أبيض، لحيته قصيرة نابتة وابتسامته واسعة وواثقة. يهم الشباب لمصافحته والحديث السريع معه بينما هو في طريقه إلى الكرسي الموضوع أمام القبلة ليجلس عليه ويحيي الحاضرين بود.

كهل بدين يحمل حذائه وحقيبته استعدادا للرحيل يسأل الشاب الجالس بجواره وعلى وجهه بعض التشكك :"مين ده؟"، يرد الشاب: "الأستاذ مصطفى حسني". لا يبدو على الكهل الاقتناع فيعيد سؤاله بصيغة أخرى:" أيوه يعني هايعمل إيه؟". يبدو على الشاب بعض الضيق ولكنه يجيب بلهجة سريعة: ا"الأستاذ مصطفى داعية وله برنامج على قناة "اقرأ" وده درسه الأسبوعي هنا".

يعيد الكهل النظر إلى مصطفى حسني وهو واقف، لحظات ثم يستدير ويخرج من المسجد ليجد شابا يوزع أوراقا على باب المسجد، يتناول منه واحدة فيجدها باللغة الإنجليزية فيسأل الشاب مستغربا :"إيه ده كمان؟" يرد الشاب وهو يكتم ضحكته :"دي دعوة لدورات تنمية بشرية". يعيد الكهل الورقة إلى الشاب "أنا كنت فاكر بتوزع أذكار. امسك!" يعيد الورقة إلى الشاب ويخرج سريعا وهو يهز رأسه.

يبدو أن الكهل العابر لم يجد ما اعتاده عن "دروس الدين" تلك الليلة، رغم أن آخرين من أعمار متقدمة اتخذوا أماكنهم وسط الغالبية الساحقة من الشباب، تلك التي تبرر أن مصطفى حسني يخاطب الجمع دائما: "يا شباب". مضمون الدرس أيضا كان واضحا في توجهه للشباب وإظهاره التفهم والإحاطة بتفاصيل حياتهم رغم توجيه النقد إليها. يقول مصطفى حسني على لسانهم محاكيا تفكيرهم :"غض البصر صعب جدا هذا الصيف"، مشيرا إلى أزياء الفتيات و"الفتن" في الشوارع والمصايف. ولكنه يحث الشاب على ألا تدفعه معاصيه لليأس من أن يكون ملتزما ويدفعه لأن يستمر في أداء الطاعات ومحاولة الالتزام مهما أحس أنه ضعيف ومخطيء. عندما يتطرق لنموذج عن المعصية المتمكنة من القلب يذكر "الصحوبية" بين الفتيان والفتيات وتعلق قلب الشاب بـ"صاحبته" فيأكل ويشرب وهي في خياله.ينتقد مصطفى حسني ذلك بالطبع رغم أنه لا ينكر صعوبة تركه على نفس الشاب، ولكنه يقول أنه بالاستعانة بالله يمكن أن يحل مكان ذلك حب الله وطاعته.

يبدو أن العلاقات بين الجنسين كانت تشغل ذهن مصطفى حسني كثيرا وهو يعتذر للحضور عن عدم انتظام درسه الأسبوعي في المسجد لأنه سيسافر إلى مدينة ساحلية ليتفرغ للإعداد لموضوع برنامجه اليومي في رمضان والذي وصفه بأنه صعب ويحتاج لكثيرمن الإعداد، وكان هذا البرنامج "قصة حب".

قلب أحمر يتوسطه اسم البرنامج وبجواره يقف مصطفى حسني متأنقا بجانب عمود نور، هو شعار البرنامج الذي يتناول في حلقاته الأولى فكرة الحب باعتبارها أساس الإيمان ويستعرض حياة النبي محمد من خلال علاقات الحب التي تجمعه بالله وصحابته والمؤمنين. محاولة لـ"التسامي" بفكرة "الحب" الأكثر إلحاحا في الأغاني والدراما، وإبعادها عن نطاق العلاقات بين الجنسين قبل الزواج.
يحذر مصطفى حسني مرارا الشباب من "الحوار غير المبرر" بين الجنسين سواء في الحياة اليومية أو على الإنترنت ولو كان في الدين وفي عمل الخير، مؤكدا أن الحوارات في تلك الموضوعات الجادة هو مدخل فتنة الشباب الملتزم !

"كلام مضبوط تماما" يعلق حسن سيد، موظف التسويق بإحدى شركات المحمول، وأحد الحاضرين في المسجد "أهم ما يميز الأستاذ مصطفى حسني أنه شاب غير منفصل عن تفاصيل حياة الشباب ولذلك هو قادر على التخاطب معهم، مثلا بعض الشيوخ السلفيين الأفاضل عندهم علم غزير ولكنهم يتحدثون ويعظون ويحذرون مما هو موجود في النصوص الدينية فقط: الزنا مثلا! رغم أن فئة قليلة تسقط في هذا الأمر أو معرضة له، بينما هناك علاقات كثيرة يدخل فيها الشيطان من هذه المداخل الخفية".

منذ بدايات صعود نجم عمرو خالد وإلى الآن، هناك مقارنة ومنافسة واضحة بين الدعاة السلفيين التقليديين وبين الدعاة الشباب الجدد الذين يتبعون أساليبا وطرق غير تقليدية في الدعوة. أحيانا تتحول هذه المنافسة إلى هجوم، يكون غالبا من جانب السلفيين الذين يتهمون الدعاة الجدد بقلة العلم الديني والرغبة في مجاراة المجتمع والشباب لنيل رضاهم وتحقيق جماهيرية كبيرة والتذرع بالتقرب إلى فئات وطبقات مختلفة. هذه الحساسية موجودة بين الدعاة الأقدم في ساحة الدعوة، مثل انتقاد محمد حسان العنيف لعمرو خالد، ومع الدعاة الأحدث نسبيا، مثل انتقاد الشيخ السلفي مسعد أنور لمصطفى حسني ومعز مسعود، فتثور أعصاب الشيخ مسعد وهو ينتقد برامجهما التي يتحدثون فيها عن الدين بين مقدمة وخاتمة فيهما موسيقى، ويصيح غاضبا في إحدى برامجه: "دين إيه ده اللي بالدربكة والزمارة!".

علماء وعمليون
تزعج هذه الانتقادات، محمد عبد المنعم، طبيب الامتياز الشاب، فهو مثل كثيرين من الشباب لا يعتبر نفسه منحازا إلى طرف منهم، فهو يتابع برامج ودورس دعاة من الطرفين ويأسف لما يقع بينهم :"الدعاة السلفيين آخذ منهم العلم الشرعي والتربية، ولكن الدعاة الآخرين مثل عمرو خالد ومعز مسعود ومصطفى حسني أشعر أنهم عمليون".

رغم أن محمد يوافق على بعض انتقادات الشيوخ السلفيين، في مسألة الموسيقى مثلا ويقول أن حرمتها مما اتفق عليه الأئمة الأربعة فلا جدال في ذلك: "بالطبع ينبغي الإقرار بحرمتها لكن لا أنتقد الدعاة الذين يستخدمونها في برامجهم فهم لهم جهدهم المشكور والفعال في التزام الكثيرين".

ربما كان تسامح محمد مع ذلك راجع لمزاجه الشخصي وطريقته في التدين، فهو يقر أيضا أنه لا يعد نفسه ملتزما صارم التدين وأحيانا ما يستمع إلى الموسيقى والأغاني، ولكن الإقرار النظري ينبغي في رأيه أن يستند لعلم شرعي راسخ كما يقدمه السلفيون. ربما لذلك يجد محمد صورة تدينه في دعاته "العمليين"- كما يصفهم- فهم يقدمون الانسجام والتواؤم على الاختلاف والتناقض مع ما يعتاده المجتمع. فهؤلاء الدعاة الذي يقدمون أنفسهم في مظهر معتاد مثل معظم الجمهور، لا يرتدون الجلابيب والعمائم ولا يعفون لحاهم. بينما ذلك المظهر الذي يتلزم به الدعاة السلفيون وكثير من جمهورهم - بالإضافة لنقاب النساء- كان وحده مساحة صدام وجدل بين الشباب السلفي الملتزم وباقي المجتمع في الشارع والجامعة والعمل. فمظهرهم يشير إلى التميز والانفصال بينما يحرص الدعاة الشباب الجدد على التقارب والانسجام كلما كان ذلك ممكنا وفي حدود الاجتهادات الإسلامية المتاحة.

الاتهام الآخر الذي يطارد الدعاة الجدد هو أنهم يتبنون اجتهادات متساهلة لتناسب مزاجا طبقيا معينا يناسب توجه خطابهم إلى الشرائح والطبقات العليا في المجتمع التي يراهنون عليها. يبتسم حسن سيد ويشير إلى نفسه قائلا: "أقدم لك نفسي، أنا من أسرة متواضعة الحال تسكن في منقطة دار السلام، ورغم ذلك قطعت مسافة طويلة إلى هنا، لا أشعر أنه يتحدث إلى طبقة معينة، ولكني أشعر أنه متوازن ولا يركز على الزهد والورع بل يحيي الطموح والنجاح في الحياة العملية".

كان درس مصطفى حسني تلك الليلة عن زينب بنت جحش إحدى زوجات النبي، وكان يتحدث عن أن ابتلائها الأكبر هو زواجها من زيد بن حارثة رغم أنها كانت من نسب شريف في قريش، أي في مستوى اجتماعي أعلى من زوجها بمفاهيمنها الحالية. اعتبر مصطفى ذلك ابتلاء قاسيا عوضها الله عنه بزواجها من النبي نفسه بعد طلاقها من زيد، الذي تعلو مكانته فوق كل مستوى اجتماعي. يوضح مصطفى حسني أن تفاوت المستوى الاجتماعي، خاصة لو كان الزوج أقل، مشكلة كبيرة في الزواج. إلا إن كان الشاب طموحا ومجتهدا وينوي أن يستدرك هذا الفارق.

مرآة الطموح
أحيانا يبدو في خطاب مصطفى حسني والدعاة الجدد الآخرين بعض لمحات وألفاظ توحي بأن خطابهم ينطلق من طبقة معينة وإليها، وفي ذلك بعض الصحة ولا ينكر هؤلاء الدعاة أصولهم الاجتماعية التي تنتمي لشرائح عليا من طبقة متوسطة وهوما سينعكس في أسلوبهم وحضورهم. فهم مختلفون عن الحضور المتأثر بأصول ريفية عند الشيخ الشعراوي والشيخ كشك مثلا. ولكن أسلوب وحضور الدعاة الجدد لا يعكس ميلا طبقيا مغلقا على أصحابه، بقدر ما يعكس جاذبية طموح الالتحاق بهذه الطبقة وهذه الفئة الاجتماعية التي تجمع النجاح المهني والعيش الرغد والتدين الذي لا يتناقض مع الحياة السعيدة الممتعة .. في حدود الالتزام بالطبع.

أحد النماذج المتكررة ضمن جمهور الدعاة الجدد يمثله الشاب حسن سيد الذي يعمل في مؤسسة حديثة ويريد أن ينال توزانا بين طموحاته في الترقي التي تطلب انسجاما وتكيفا وبين رغبته في التدين والالتزام مما يعني ذلك بعض الانفصال والتحفظ عن محيطات اجتماعية بعينها.هذا الشاب يجد في مصطفى حسني أو معز مسعود نموذجا شخصيا قريبا منه يقول له بشكل مجسد أنه يمكن الجمع بين الالتزام الديني وبين النجاح حتى لدرجة أن تكون "نجما" في الفضائيات مثلهما، تتسابق الشركات الكبرى على رعاية برامجهما والإعلان فيها.

في سيرته الذاتية المنشورة على موقعه الإلكتروني، حرص مصطفى حسني على ذكر خلفيته كموظف تسويق وأنه ترقى في وظيفته إلى أن حصل على لقب أفضل موظف في الشركة قبل أن ينتقل إلى منصب مدير تسويق في شركة أخرى.

التعلق الشخصي بالداعية، بحضوره وصورته وسيرته، هو بالتأكيد أحد أسباب جاذبيته واتساع جماهيريته، بحسب رأي نهى شمس الدين، الصيدلانية الشابة التي تؤكد أولا أنها لا تتابع بكثافة أيا من الدعاة الموجودين حاليا مفسرة ذلك أنها مسلمة ملتزمة منذ صغرها وتلقت ثقافة دينية عميقة وتشعر الآن أن ما يقدمه الدعاة ليس بالعمق الذي تحتاجه. فهي تقرأ للشيخ محمد الغزالي والشيخ القرضاوي وللمفكرين الإسلاميين مثل عبد الوهاب المسيري.

نهى ترى أن ما يقدمه الدعاة الجدد مهم جدا للشباب الذين يريدون أن يخطوا الخطوات الأولى في عالم الالتزام والثقافة الدينية، ولكنها من جانب آخر تعتقد أن هناك ظاهرة متفشية عنوانها هو التعلق العاطفي بالداعية وميعاد درسه أو برنامجه. تنتقد نهى ذلك وتراه انعكاسا لثقافة الدرس الخصوصي والتعلق بالنجوم وتراجع القراءة وروح البحث الذاتي عن المعرفة. يشتد انتقاد نهى عندما تتحدث عن الدعاة السلفيين وجمورهم مؤكدة أن الدعاة السلفيين يستغلون هذا التعلق فيهاجمون أفكار وأشخاصا ويتبعهم جمهورهم بدون تفكير وبحث ونقد. ومن ذلك انتقاد السلفيين للدعاة الجدد رغم دورهم المؤثر في رأيها.

يختلف عبد العزيز علي، المهندس بإحدى شركات الاتصالات، مع رأي نهى. فهو يتابع عبر الإنترنت العديد من الدعاة من مختلف الاتجاهات، ويرى على العكس أن الجيل الحالي، ضاربا المثل بنفسه وخطيبته، يستمعون إلى دعاة مختلفين وآراء مختلفة، ليسوا تلاميذا لوحد بعينه أو من أتباعه، على حد تعبيره :"نسمع ونفكر، ننتقي وننكر".

الوسائط الحديثة التي تحمل صوت الدعاة إلى جمهورهم بدءا من شرائط الكاسيت والإسطوانات ومواقع الإنترنت، ساعدت بعض الشباب على الاطلاع على الاتجاهات المختلفة داخل ساحة الدعوة وكسر حاجز المكان والمحيط الاجتماعي، وتكوين ثقافة دينية مختلطة تجمع بين عناصر مختلفة، أحيانا تبدو متناقضة. ولكنها تعكس روح التركيب والاعتماد على أكثر من مصدر.

عبد العزيز علي وفقا لهذه الروح يحب بعض التشدد عند الشيوخ السلفيين، ويقول أن التشدد هو التمسك بالأحكام والشرع والسنة بينما المذموم هو الغلو. لكنه في الوقت نفسه يعتقد أن بعض التساهل والتيسير يكون مطلوبا في لحظات معينة وعند فئات معينة عندما تكون حالتهم بعيدة للغاية عن الالتزام الديني. ثم يعود ويقول أنه في اللحظة الحالية كثر المتدينون ومظاهر التدين تنتشر بقوة بشكل لا يبرر التساهل، ثم يستدرك مادحا الدعاة الجدد وقدرتهم على ربط الدين بالواقع وبالحياة وتفاصيلها بالمقارنة بالمشايخ السلفيين الذين يؤكد في نفس اللحظة على علمهم وفضلهم. وفي النهاية ينتقد الجميع- باستثناء قلة منهم وجدي غنيم- بسبب الصمت على قضايا الأمة الكبرى وتجنب السياسة خشية المنع مضيفا: "في النهاية هم يمنعون بغير سبب، ما الذي ينتظرونه إذن ليتكلموا؟".

بعيدا عن التجديد
في نوفمبر 2007، كتب المفكر الإسلامي الراحل عبد الوهاب المسيري مقالا عن عمرو خالد وسط انتقادات عديدة تعرض لها وقال أنه "نقلة مهمة يحتاجها المجتمع" وأثنى على ابتعاده عن المبالغة في الترهيب والغيبيات، وعلى تركيزه على القيم الأيجابية وأهمية التنمية البشرية وبناء الإنسان الفرد والتشجيع على الطموح والنجاح لكنه في نهاية مقاله وجه بعض الملاحظات إليه منها أنه يرجع قضية البطالة بالكامل إلى تكاسل الأفراد وهو ما رآه المسيري "تأكيدا متطرفا للإرادة الفردية على حساب الظروف الاجتماعية" كما نبهه إلى جانب دعوته الأفراد إلى الاجتهاد الفردي إلى ضرورة "توكيد بعض الجوانب الأخرى في المنظومة الإسلامية مثل العدل، وهو القيمة القطب في الإسلام، والذي يجب أن يترجم إلى عدل اجتماعي".

الخلفية الاشتراكية عند الوهاب المسيري واضحة حتى في "فكره الإسلامي"، بينما يميل الدعاة الجدد للتواؤم مع تيار الليبرالية الصاعدة بكل مكونات عالمها، يظهر ذلك مع الشركات الكبيرة التي ترعى برامج الدعاة ومواقعهم، في التركيز على الميل الفردي في النجاح والتحقق، وفي اعتماد الدعاة أنفسهم على علوم التنمية البشرية والإدارة والتسويق وعلى كون دورات هذه المهارات هي واحدة من أهم نشاطات جمهورهم والجمعيات التي ينشطون فيها مثل "صناع الحياة".

الميل للتواؤم والانسجام يمنع أيضا انفتاح الدعاة على اجتهادات إسلامية جديدة، ربما لانشغال الدعاة بدور إعلامي وتربوي أكثر منه فكري ونقدي. وربما بسبب الميل المحافظ عموما للجمهور والمتوجس والمهاجم للاجتهادات الجديدة، كما يبدو في استقبال معظم الشباب المتدين لكتابات جمال البنا مثلا، وربما بسبب ترصد الشيوخ السلفيين لخطابهم. عندما تحدث مصطفى حسني بشكل أكثر تحررا عن مفهوم "البدعة" اهتم أكثر من عشرة شيوخ سلفيين بالرد عليه في حلقات مطولة بلغ بعضها حدا متطرفا من العنف اللفظي تجاهه. ويبدو أن ضغط حديث الدعاة السلفيين عن "الحجاب المنفلت" للفتيات والنساء من جمهور الدعاة الجدد أدى بمصطفى حسني أن يقوم في حلقة مثيرة للجدل - انتشر تسجيلها على موقع يوتيوب- بالوقوف ممسكا بعصا ومشيرا إلى مانيكانات خشبية عليها الأنماط الشائعة لأزياء المحجبات ومفصلا في أن هذه الأزياء ليست "ملتزمة" ومتحدثا بالتفصيل عن "مكمن الفتنة" في كل تفصيلة في الزي والجسد! بعض الفتيات اعتبرن ذلك تجاوزا وميلا مفرطا في التحكم، ولكن هناء سعيد، الطالبة بكلية الطب، تخالفهن الرأي وتقول أنها لم تغضب من هذه الحلقة رغم أنها لازالت ترتدي نفس أنماط الأزياء التي انتقدها: "أعتبره زي أخويا الكبير اللي عاوز مصلحتي حتى لو مش مقتنعة برأيه" وتضيف مبتسمة أن ذلك ليس رأيها وحدها. ويبدو أن ذلك صحيحا فالحضور النسائي تلك الليلة في مسجد "يوسف الصحابي" قسم كبير منه يرتدي تلك الأنماط التي انتقدها ولكن يبدو أن "قصة الحب" أوثق من أن توثر فيها مضمون حلقة مثيرة للجدل.



نشر في الشروق الأحد 6 سبتمبر 2009
PDF

هناك ٤ تعليقات:

  1. عجبني كلام نهى شمس جدا
    وتحليلك عن الخافية الرأسمالية الفردية للدعاة الجدد بالكلام عن التنمية البشرية ... نفس النموذج البروتستانتي الأمريكي. على فكرة فهمي هويدي كان وجه نقد مهم لحكاية التدين الفردي دي.
    هديل

    ردحذف
  2. Having read this I thought it was extremely informative.
    I appreciate you finding the time and effort to put this content together.
    I once again find myself personally spending a lot of time both reading and leaving comments.
    But so what, it was still worth it!

    My weblog - htc evo design 4G cena

    ردحذف
  3. Wow, amazing blog layout! How long have you been blogging for?
    you made blogging look easy. The overall look of
    your web site is excellent, let alone the content!

    Feel free to visit my web site ... webserver.dmt.upm.es

    ردحذف
  4. I savor, cause I found just what I was looking for.
    You have ended my 4 day lengthy hunt! God Bless you man.
    Have a great day. Bye

    Check out my blog; htc one цена

    ردحذف